وفي صحيح مسلم 2653 عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ وقال النبي صلى الله عليه وسلم : إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ : اكْتُبْ | فعمل القلب -إذاً- يشمل كل ما جاء في الكتاب والسنة من الواجبات الإيمانية القلبية، التي لا بد ولا محالة أن يظهر أثرها على الجوارح، وإلا فإنه لا وجود لها إطلاقاً، لكن هي محلها القلب، كالتوكل فإن محله القلب -كما تعلمون- لكن لا بد أن يظهر ذلك على الجوارح، فإن عدم التوكل كأن يظهر المرء الجزع أو الهلع أو القنوط، فإن ذلك يظهر على جوارح الإنسان وعلى كلامه، أما المتوكل الصابر الموقن المخلص، فإن ذلك يظهر -ولا محالة- على جوارحه |
---|---|
لقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم خمسة وعشرون من الأنبياء والرسل وهم: آدم، نوح، ادريس، صالح، إبراهيم، هود، لوط، يونس، إسماعيل، اسحاق، يعقوب، يوسف، أيوب، شعيب، موسى، هارون، اليسع، ذو الكفل، داوود، زكريا، سليمان، إلياس، يحيى، عيسى، محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين | ووضع كفية على فخذيه |
هذه الأربعة يتكون منها الإيمان، فهو يتكون من: قول القلب، وقول اللسان، وعمل القلب، وعمل الجوارح وإذا عرفنا هذه الأربعة بالتفصيل عرفنا حقيقة الإيمان عند أهل السنة والجماعة ، وعرفنا بعد ذلك لماذا يحكمون على مرتكب الكبيرة بأنه ناقص الإيمان، فلا يخرجونه من الملة كما تقوله الخوارج ، ولا يقولون هو كامل الإيمان كما تقوله المرجئة.
4الإيمان بالله إنّ الإيمان بالله أساس الدين، وأول واجب على الإنسان، إذ لا يصح إيمان أحد بشيء من أركان الإيمان وشعبه وسننه إلا بعد إيمانه بالحق تبارك وتعالى | ملخّص المقال: الإيمان بالله يعني التصديق بوجوده وما شرعه، والإقرار بذلك بالقلب واللسان والجوارح، والإيمان بالله هو الأساس الذي يقوم عليه الدين، وهو سبب دخول المؤمن الجنة، وأهمّ محاور الإيمان أن يؤمن العبد بوجود الله، ووحدانيّته، وأسمائه، وصفاته، وينعكس الإيمان على العبد بالسعادة والصلاح والخير والفلاح في الدنيا والآخر، وأهمّ شروطه: الإيمان الجازم بالأركان الستّة، ويكون ذلك بالإقرار والتصديق بالقلب واللسان والعمل |
---|---|
فالإيمان بالله تعالى هو أساس جميع أعمال الإيمان؛ لذا يذكر الإيمان بالله تعالى متقدماً على بقية الأركان حين يذكر معها |
قالَ: الإيمانُ أن تُؤْمِنَ باللَّهِ، وملائِكَتِهِ، وَكُتبِهِ، ورسلِهِ، واليومِ الآخرِ، والقدرِ كلِّهِ؛ خيرِهِ وشرِّه.
الإيمان بالملائكة المقصود من الإيمان بالملائكة هو الاعتقاد الجازم بأن الله خلق الملائكة من نور وهم موجودين، وأنهم لا يعصون الله ما أمرهم، وأنهم قائمون بوظائفهم التي أمرهم الله القيام بها | ومن عمل القلب: الاستسلام والرضا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رسولاً |
---|---|
الإيمان بالكتب السماوية الإيمان بالكتب السماوية ويعني التصديق الجازم بالكتب والصحف التي أنزلها الله سبحانه على رسله، مثل القرآن، والتوراة، والإنجيل | فخلاصة ما سبق: أنَّ الإيمان حقيقة مُركَّبة من قول وعمل، وأن القول قسمان: قول القلب: وهو الاعتقاد، وقول اللسان: وهو نطق كلمة الإسلام، والعمل قسمان: عمل القلب وهو نيته وإخلاصه، وعمل الجوارح كالصلاة وغيرها، فإذا زالت هذه الأربعة جميعاً التي هي: قول القلب، وعمل القلب، وقول اللسان، وعمل الجوارح، زال الإيمان كله، بمعنى أنه لو كان شخصاً ليس عنده شيءٌ من هذه يكون كافراً، إذا زال تصديق القلب لم تنفعه بقية الأجزاء، فإنَّ تصديق القلب شرطٌ في اعتقادها وكونها نافعة، وإذا زال عمل القلب مع اعتقاد الصِّدق كأن وُجِد تصديق بالقلب، وعمل القلب لكن بدون عمل الجوارح أبداً ولا قول باللسان، فهذا ميدان المعركة بيننا وبين المرجئة، فأهل السُّنَّة مجمعون على زوال الإيمان، وأنَّه لا ينفع التَّصديق مع انتفاء عمل القلب وهو محبته وانقياده، كما لم ينفع إبليس وفرعون وقومه واليهود والمشركين الذين كانوا يعتقدون صدق الرسول بل ويقرون به سراً وجهرا ويقولون ليس بكذَّاب، ولكن لا نتَّبعه ولا نؤمن به، فإذاً وهذا ما سنتحدث عنه بالتَّفصيل إن شاء الله |
ويتحدّث أيضاً عن المؤمنين الذين استجابوا لأمر الله، وعن ثوابه العظيم لهم في الدنيا والآخرة، وفيه الحديث عن الكافرين والمشركين وجزاء الله لهم في الدنيا والآخرة، فالقرآن الكريم يتضمّن الحديث عن الإيمان بالله -عز وجل- في معظمه، ونجد ذكر الله -سبحانه- قد تكرّر في كل صفحةٍ من القرآن بمتوسط عشرين مرة بأسمائه أو صفاته، وجميع أركان الإيمان أساسها الإيمان بالله، فالمسلم يؤمن بالله -تعالى-، وبما جاء منه؛ من الملائكة، والكتب، والرسل، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره.