مازلتُ خضراء الروح ، أتوهج كلما أضاء جناح العنقاء ، منذرا بالانبعاث من أمم الرماد ، أندس في فم عصفورة ،و أتسربل قبلة من عشِّ ، متى ضاق به غصن الشجرة ، ارتفع وحلَّق للسماء مانحا الفرشاة لغات الكون ، ولهجات اللون ، تراصفت منذ الأزل ، لتخطَّ تقاويم تسربلت كجداريات خِيطتْ بأنامل حريرية | لا أريد النوستالجيون في هذا التوقيت بالذات ، لأني لا أحن إلى عصور جهلي ، ولا إلى التواريخ الراقدة تحت التراب ،لا أحن إلى التسميات ، والقبور ، ولا إلى تغيير العلم ، والنشيد ، أنا أحنُّ إلى حاضر مسالم ، متصالح مع نفسه ، أحنُّ إلى وطن يحتويني مع غيري ، أقبل به ويقبل بي ، لكنه لايلفظني نحو شواطيء غربة سئمت من الإبحار إليها |
---|---|
كنتُ قرأتها في كلامك ، وتركت التأويلية تفسرني ، تفسر العالم في مواجهة النَّص ، حتى تحولتُ لكائن إيكولوجي ، يصادق الجمادات ، ويؤنسن نافذته ، وكتابه ، وكرسيه ، وفناجين قهوته.
17يقفز محمد ويجلب لي الروز، ها قد جلب لي مُحبتي، واللصوص يقفزون من نوافذ الدولة، ليجلبوا لصوصاً آخرين في هجيع الليل، وشعبنا نائم، والثكالى فاقدات، والعذراوات نائحات، والفل والياسمين شباب البلد، مات بين أيدينا، شتان بينهم! ووجه أمي يحاصرني في غرفتي، ما أطول هذه الليلة! قصته أغرب من الخيال وحكاية عالمية | وكعروس أوروبية تتقدمُ منصة الكهان، وتسردُ التاريخ في طرحة فستان، يقول الكاهن في قسم العروسين: لا تتركوا صبية، ولا طفلاً حياً، وإذا عاد عسكري منكم بأسير عربي، فالجلد مصيره، ويمضي مونتانياك في تطبيق الوصية الشرهة للدم، فيطلق قطعان الجنرال لاموريسيير وراء كل جزائري، ومن قبله، وراء كل عربي تعطرتْ باريس بحناء داره! وعادة تكون الشخصيات التي تلعب أدوار أساسية في هذه القصص هي شخصيات مألوفة لدى الطفل، من حيوانات، أشخاص أو حتى جماد |
---|---|
و إذ أسرد الجزء المتبقي من وجعي في هذا الجزء ، أستعيد أنفاس الورد في روحي ، و أغادر لأجزاء روائية تتسع لها مخيلتي ، أبادر إلى وطن أحبه حتى بلغ مني العشق مبلغه ، كان حبيبي في نصوصي ، وكان قصائدي المسجاة على أرصفة البوح ، كان نافذتي نحو عالم جميل أرنو إليه ، كان ندائي الأول والأخير ، يسمعني ، ويوميء لي بالإيجاب ، الأوطان لا تخذل من يحبها ، و لاتتخلى عن أحلامها للعابرين فوق أوجاعها ، الأوطان التي دخلت غرف الانعاش عادت إليها الحياة ، وعاشت ، وهبها أكسجين الحب فرصتها ، وهانحن أولاء نهب ليبيا كل مالدينا ، وقتنا ، وحبنا ، وقلوبنا ، نهبها العمر ، والسمعة ، العقل ، والقلب ، وديمومة الحياة ، نحن الذين سنموت ، لكن المدن والشعوب لاتموت | وما اعظم هذه الكلمة حين يشعر بها سمو الشيخ ناصر من خلال!! للقلم الذي يتهيأ لعناق طويل الأمد ليدون مسرحية اللقاء بين الكفوف الدافئة على صدر المنضدة المتسع دهشة كعيون سمكة مفتوحة |
و قد تبنى رائدها: شكري نقل نظرية الخيال عن كولردج كما قام بتوضيح الفرق بين الوهم والخيال، حيث قال:"إن التخيل هو أن يظهر الشاعر الصلات التي بين الأشياء والحقائق، ويشترط في هذا النوع أن يعبر عن حق، والتوهم هو أن يتوهم الشاعر بين شيئين صلة ليس لها وجود، وهذا النوع الثاني يغري به الشعراء الصغار ولم يسلم منه الشعراء الكبار".
19