بعد قليل حضر السائق وأدى التحية العسكرية وغادرنا مكتب الشرطة العسكرية وسار خلفى موجها لى إلى موقع وقوف السيارة ، ركبت السيارة وقادها الجندى متوجها شرقا في اتجاه القطاع ، كان الظلام يلف المنطقة فقد تعدى الوقت الساعة الثامنة مساء ورغم هذا كان ضوء القمر منتشرا ًمن حولى وبالتالى ُكنت أشاهد بعض المناظر الطبيعية للأرض المحيطة بالطريق وفي بعض الأحيان أشاهد وأسمع أصوات مياه البحر الأبيض حين يقترب الطريق من الساحل | |
---|---|
صافحني واندفع خارجا من المكتب وقفز بداخل السيارة الجيب ثم أشار إلىّ فاتجهت نحوه مسرعا وهنا أمسك بكتفى بقوة قائلا ً: عايز عينيك تفضل مفتحه وودانك تفضل مطرقعه ورأسك مصحصحه لأن أولاد الملاعين اليهود شطار في الغدر كمان سجل كل اإللى يوصلك من عملائنا بعمق إسرائيل وسيب الرسايل بتاعتهم توصل ومش تعلق عليها وكل يوم تبعت ظرف بالمعلومات لمكتب مخابرات القنطرة شرق | غادرت القاهرة مستقلا ًقطار الشرق والذي تحرك من محطة مصر في الصباح الباكر وعبر محطات كثيرة بدءًا من طوخ وقليوب وبنها ومنيا القمح والزقازيق وصولا إلى الإسماعيلية والتى ظل رابضا بمحطتها فترة طويلة انتظارا ًلموعد العبور من فوق كوبرى الفردان الذى يربط ما بين الضفتين الشرقية والغربية لقناة السويس |
حاولت عمل كمدات مياه علي وجه وجسد فاروق ولكن "سَـلمان" نصحنى باستبعاد تلك الفكرة التي سوف تؤثر على صديقنا بالسلب من أثر ملوحة المياه ، كان واضحا شراسة وكفاءة وشجاعة فاروق سواء في اللقاء الأول حينما ساعد علي فك أسرنا أو أثناء اللقاء الأخير في بداية ليلة الأمس حين تبادل إطلاق النار علي القوات المهاجمة ، كان الشاب صلدا وهذا نابع من فطرته فهو من أبناء حي شبرا ، وهو من أهم أحياء القاهرة والذي كان يتميز شبابه بالشجاعة ومعاونة الآخر والدفاع عن الضعيف وحماية المستجير | |
---|---|
لم أشعر بما يخبئه لى القدر فقد شعرت بأن بالمياه كائنات دقيقة وصغيرة تنهش في جسدى ولا أعلم ما هذا؟ هل هي قناديل البحر الحارقة للجلد والتي شاهدت من آثارها الكثير علي المصطافين من حالات احتراق للجلود ، عدت ونفيت أن تكون قناديل البحر حيث إن نشاطها صيفا أثناء النهار كما كنت أشعر بسكاكين تقطع بجسدى وتأكد لى بعد ثوان أنها أسماك خاصة من التى تبحث عن الدماء أو الجثث الغارقة ومهمتها تنظيف المياه من الكائنات النافقة ، أحاطت بى تلك الأسماك والتى تتحرك بأسراب تضم المئات ، لقد تأكد لى أنها أسماك من النوع القاتل التى تهاجم الأسماك الكبيرة الميتة وتقوم بالتهامها ، كنت أشبه بأى كائن يحتضر أو مات وتلتهمه أسراب النمل مثل ما كنت أشاهدها تهاجم دود القز الذى ُكنت أحتفظ به داخل علبة أثناء مرحلة الدراسة بالابتدائى حيث يهاجم الديدان ويقتلها ويقطعها إلى أجزاء صغيرة ينقلها إلى عشه استعدادا لفترة البيات الشتوى ، كنت أصرخ وأتألم ولكن من يسمعنى ومن يعمل على إنقاذى |
أرجو أن تستفيدوا من تجربته تلك فقراءة التاريخ عبرة ودرس وهي تعتبر من أهم دروس الحياة ؛ لأنها تجارب إنسانية حقيقية خاصة ما حدث منها أثناء الحروب والأزمات.
22