وقد نال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مقام قاب قوسين أو أدنى من الله، كما نال ؛ وهي أعلى رتبة وأعظمها وأشرفها في القرب إلى الله -تعالى-، وهو الذي يشفع للخلائق عند ربهم ، ولا أحد يشفع له، وهو الواسطة بين العباد وربهم، ولا يملك أحد منهم الكلام إلّا هو؛ فإن الله -تبارك وتعالى- يقول له: يا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وقُلْ: يُسْمَعْ لَكَ، وسَلْ تُعْطَهْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ | تعني صلة الرحم في الاصطلاح: الإحسان إلى بالقول والفعل الذين تربطك معهم رحمٌ، ويكون ذلك من خلال زيارتهم، والسؤال عن أحوالهم وتفقّدهم، ومساعدة من يحتاج للمساعدة منهم، والسعي في تيسير مصالحهم وإتمامها إن كان ذلك متوفراً |
---|---|
وقد أخبر الله -تعالى- عباده الذين يتقرّبون منه، أنّ الذي يتقرّب إليه فهو -سبحانه- يتقرّب منه أضعاف، وهذه هي الغاية من تشريع الطاعات؛ فهي التي تقرّب العباد من خالقهم، وينالون بها جنّاته، كما أنّ ذكر العبد لربّه -تعالى- يوجب ذكر العبد عنده؛ فقد روى أبي هريرة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-، أنه قال: يقولُ اللَّهُ تَعالَى: أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ بشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ باعًا، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ، وفي الحديث الشريف تنبيه إلى ضرورة -تعالى-؛ فهو يتقبل عبادات العبد حتى لو كان مقصراً فيها؛ فحسن الظن بالله -تعالى- هو بحدّ ذاته عبادة، وينبغي أن يستشعر المسلم قرب الله -تعالى- ومعيّته حين يذكره؛ فيقبل عليه دون ما سواه، ويطمئن بقربه ويعرف قيمة ما هو فيه، فلا يخاف من شيء، قال -تعالى-: إِذ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحزَن إِنَّ اللَّـهَ مَعَنا | فإن من آمن بالله حقاً سينعكس إيمانه عمليّاً على باقي أموره الحياتيّة، فمن صدُق إيمانه وصل رحمه |
حكم صلة الرحم واجبةٌ شرعاً، وقد ثبت وجوبها والسنة النبوية وإجماع العلماء، فمن كان له رحمٌ وجب عليه وصلها والإحسان إليها، إلا أن يكون في رحمه من يُجاهر في معصية الله ويعادي أولياءه، ويُظهر العداء للإسلام وأهله فحينها يجب مقاطعته حتى يعود عن ذلك، والرَّحم التي يجب وصلها هي: أصحاب الرَّحم المحرمة من جهة الأم والأب، وهم كل من يحرم التزواج بينهم لو كانوا إناثاً وذكوراً، كالرجل وعمته أو خالته أو أخته أو ابنة أخته أو ابنة أخيه، والرجال الأقارب الذين لو فُرض أحدهم أنثى حرُم التزاوج بينهما؛ كالرجل وعمه أو خاله أو شقيقه أو ابن شقيقه أو ابن شقيقته وهكذا.
فإن الله سبحانه وتعالى يُبارك في عمر من يصل رحمه ويزيد فيه، ويجعله يستغله بما يفيده ويعود عليه بالنفع لدينه ودُنياه، كما يُبارك له في رزقه ويزيد فيه ويجعل له في الخير | معنى صلة الرحم الرَّحِم لغةً: من رَحِم المرأة، الذي هو موضع ، ومنه استُعيرت لفظة الرحم كنايةً عن القرابة الناشئة عن التوالد، وكأنه يُراد بذلك أن من كانت بينهم قرابة رحمية فهم خارجون من رحمٍ واحدٍ، والمراد بالرَّحم في هذا الموضع: الأقارب من جهتَي الأم والأب على حدٍ سواء |
---|---|
فَكانَ أوَّلُ شيءٍ سمعتُهُ منْهُ أن قالَ: يا أيُّها النَّاسُ أطعِموا الطَّعامَ، وأفشوا السَّلامَ، وصِلوا الأرحامَ، وصلُّوا باللَّيلِ والنَّاسُ نيامٌ، تدخلوا الجَّنَّةَ بسَلامٍ |